خطى مستدامة

ما إعادة التدوير؟

إعادة التدوير

ما إعادة التدوير؟

تواجه البيئة ومَحاورها تحدياتٍ هائلةً في عصرنا الحاليّ، ومن أهم هذه التحديات ما يتعلق بالاستدامة البيئية، حيث تُعتبر عمليةُ إعادة التدوير من أهم أدوات تحقيق الاستدامة والحفاظ على بيئتنا، حيث يمكننا -من خلال هذه العملية- تقليل الحاجَةِ إلى استخدام الموارد الطبيعية الأولية.

علاوةً علَى ذلك، تترابط إعادة التدوير مع الاستدامة بشكل وثيق، حيث تساهم عملية إعادةِ التدوير في تقليل التلوث البيئيّ، وانبعاثات الغازات الدفيئة، كما توفر الطاقةَ والماءَ والمواردَ الأخرى، وتساعد على تقليل النفايات التي تتراكم في مكبات النفايات.

وأيضًا، تُفيد إعادةُ التدوير في تقليل استخدام الموارد الطبيعية، وتحسين صحة البيئة، والحفاظ على التنوع البيولوجيّ. وإنَّ توجيه الانتباه نحو ثقافة إعادةِ التدوير وتشجيع المجتمعات على المشارَكةِ النشطة في هذه العملية، يُعدُّ خطوةً ضروريةً نحو بناء مجتمع مستدام وصديق للبيئة؛ لذا سنبدأ موضوعنا بمعرفة تاريخ مصطلح إعادة التدوير.

تاريخ إعادة التدوير

يعود تاريخ هذا المصطلح إلى آلاف السنين، وبالرغم مِن تعلقه بحركات حماية البيئة في سبعينيات القرن العشرين، فإنَّ استخدامه يعود -فعليًّا- إلى زمن بعيدٍ، حيث ظهر مفهوم إعادة التدوير بين ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وهذا باعتباره مفهومًا مهمًّا بين بلدان عديدة حول العالم؛ بسبب الكساد الاقتصاديّ الذي حدث في ذلك الوقت، حيث تمت إعادة تدوير بعض المواد، مثل: النايلون، والمطاط، والمعادن.

تعريف إعادة التدوير (Recycling)

يمكن تعريف مفهوم إعادة التدوير بأنه عملية جمع المواد المستهلَكة، وتحويلها إلى مواد خام، ثم إعادة إنتاجها لتكون موادًّا قابلةً للاستهلاك مرَّةً أخرى. ويشمل مفهومُ إعادة التدوير أيَّ شيءٍ قديم يمكن استخدامه من جديد. وهي -بشكل آخرَ- عمليةٌ تستفيد من المواد غير الصالحة، التي تُعتبر نفاياتٍ، ثم تُدْخِلُهَا في عمليات الإنتاج والتصنيع الجديدة. ولكنَّ السؤالَ هنا هو: هل هناك أهمية لإعادةِ التدوير؟ الإجابة: نعم؛ لذا سنتحدث عن هذا بشيء من التفصيل.

أهمية إعادة التدوير

  • الحفاظ على الأشجار: يمكن إنقاذ 13 شجرةً من القطع من خلال إعادة تدوير طن واحد من الورق، وهو ما يعادل 40 ألف ورقةٍ من قياس A4. كما يمكن لعملية إعادة تدوير الورق توفير 2.5 برميل من الوقود و4 أمتار مكعبة من مساحة مكبات النفايات. بالإضافة إلى ذلك، توفر هذه العملية 31 لترَ ماءٍ تقريبًا، فضلًا عن الحد من استهلاك الطاقة.
  • تقليل المساحات المخصصة لمكبات النفايات: تقلل عمليات إعادة التدوير من النفايات التي يجب إرسالها إلى مكبات النفايات، مما يوفر في مساحات هذه المكبات، وحينئذٍ يمكن استخدامها في أنشطة أخرى.
  • توفير فرص عمل جديدة: تُعدُّ عمليةُ إعادة التدوير رافدًا مهمًّا من روافد الوظائف المستدامة؛ ففي ولاية كاليفورنيا الأمريكية -على سبيل المثال- توفر هذه العملية حوالي 85 ألف وظيفة على مستوى الولاية، بالإضافة إلى تحقيق إيرادات مالية تبلغ قيمتها 10 مليارات دولار، من خلال تنوعها بين المنتجات والخدمات؛ وبالتالي تُعتبر عمليةُ إعادة التدوير عملًا تجاريًّا.
  • تقليل استهلاك الطاقة: توفر عملية إعادةِ التدوير كميات الطاقة المستهلَكة في الصناعات المختلفة، حيث يمكن لمصانع الزجاج -مثلًا- تشغيل أفران التصنيع في درجات حرارة منخفضة عند استخدام مواد معاد تدويرها؛ مما يوفر 40% من الطاقة. كما يمكنها توفير 95% من كمية الطاقة اللازمة عند إنتاج علبة من الألومنيوم -علَى سبيل المثال- حينما تُستخدم موادٌّ معاد تدويرها، وهذا مقارنةً بصناعتها من المواد الخام.
  • حفظ الموارد الطبيعية: تحافظ عمليةُ إعادةِ التدوير على الموارد الطبيعية، وتحميها من الاستهلاك المفرط؛ فهي تقلل من كميات المواد الخام المطلوبة في الصناعات المختلفة، وتقلل الحاجَةَ إلى استخراج مواد خام جديدة من باطن الأرض؛ وبالتالي تقلل من الأضرار المتعلقة بإزالة الغابات والتعدين.
  • تقليل التلوث البيئيّ: عندما تتم إعادة تدوير المواد تقل انبعاثات الغازات الدفيئة، وانبعاثات الملوثات الهوائية، واستهلاك المياه، وكذلك استهلاك الطاقة المرتبطة بعمليات التصنيع الجديدة؛ كما تقلل عملية إعادة التدوير من تلوث الأراضي والمياه الناتج عن التخلص من النفايات في المكبات العامة.
  • تعزيز الوعي البيئيّ: تُشجع إعادة التدوير الناسَ على اتخاذ إجراءات بيئية، فعندما ينفذون عملية إعادة التدوير، ويرون فوائدها وأثرها الإيجابيّ في البيئة من حولهم؛ فإنهم يصبحون أكثر حساسيةً تجاه قضايا البيئة، ويتبنون سلوكيات بيئية أكثر استدامةً.
  • تقليل التكلفة الاقتصادية: على المدى الطويل، يمكن لإعادةِ التدوير أنْ تساعدَ علَى تقليل التكاليف الاقتصادية للمجتمع، فبدلًا من إنفاق مبالغ كبيرة على استخراج المواد الخام وتصنيع المنتجات من الصفر، يمكن استخدام المواد المعاد تدويرها، ثم تحويلها إلى منتجات جديدة بتكلفة أقل، كما يمكن لعملية إعادةِ التدوير أنْ توفر فرصًا اقتصاديةً واعدةً في صناعة إعادة التدوير ذاتها.

في الختام نقول، إنه من المهم أنْ نعززَ ونشجعَ ثقافةَ إعادةِ التدوير في المجتمعات، ونوجه الانتباه إلى أهميتها المتزايدة، ويجب -في سبيل هذا الهدف- توفير التسهيلات والمنصات المناسبة لجمع وفرز المواد القابلة للتدوير، وتوعية الناس بفوائدها، وكيفية المشاركة فيها؛ وذلك كله لأجل بناء مستقبل مستدام وصحيّ لنا وللأجيال القادمة، حيث يرغب الجميع في الحفاظ على البيئة ومواردها الطبيعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى