ما الحفريات؟
ما الحفريات؟
من الممكن أن تكون الحفريات واحدةً من النوافذ التي تسمح لنا بإلقاء نظرة علَى ماضينا فوق كوكب الأرض؛ ولذا درس الإنسانُ تلك الحفريات مدةً طويلةً، وسجَّل محاولاته في وصف الحياة قبل بدء التاريخ. واستخلاصًا لما سبق، تحتوي الحفرياتُ -ضمنيًّا- علَى سجل زمنيّ طويل، وهو سجل يشمل حُقبًا زمنيةً متنوعةً، حيث وجِدتْ أنواعٌ غريبةٌ ومتعددةٌ من الكائنات الحية.
وِمن هنا، تَكمُن أسئلةٌ كثيرةٌ مهمةٌ، مثل: كيف استطعنا الوصول إلى هذا السجل الزمنيّ، والحصول علَى المعلومات الموجودة فيه؟ وكيف تَمكنَّا مِن تخيُّلِ أنظمة بيئية كاملة كانت موجودةً منذ ملايين السنين؟ أو كيف استطعنا تحديد عُمْرِ الكوكب؟ وستكون إجابةُ هذه الأسئلة -بالتأكيد- مِن خلال استكشاف الحفريات القديمة، التي كانتْ موجودةً في أزمانٍ بعيدة. لكن، قبل هذا يجب أنْ نُجيبَ عن سؤالينِ، هما: ما معنى الحفريات، وما أنواعها؟
تعريف الحفريات وأنواعها
الحفريات أو المتحجرات عبارةٌ عن بقايا وآثار كائنٍ حيّ -نباتًا كان أم حيوانًا- عاش في عصر بعيد منذ آلاف أو ملايين السنين، ثم ترسَّبتْ هذه الآثار والبقايا في طبقات الأرض بشكل طبيعيّ. وتأسيسًا على هذا، يُعرَفُ العِلمُ الذي يدرس هذه البقايا بعِلم الحفريات، وقد بدأتْ ملامحُ هذا العِلم في التشكل منذ القرن السابع عشر، حيث بدأ الناسُ في دراسة الحفريات التي اكتُشفتْ لتحديد عُمْرِ الأرض، وتفسير أسباب انقراض الكائنات الحية التي عاشتْ في الماضي. وهذا الطرح يدعونا إلى معرفة أنواع الحفريات، وأنْ نكون علَى دراية كاملة بأشكالها.
أنواع الحفريات
-
حفريات الهياكل:
هي البقايا الأصلية الكاملة لكائنٍ حيّ مَا، مثل الهياكل العظمية، والأسنان، وحبوب اللقاح، وغيرها.
-
حفريات الآثار:
هي البقايا الناتجة عن أنشطة الكائنات الحية قديمًا، عندما كانت تعيش، مثل حفريات الديدان، وآثار الأقدام، والأثر المتروك فوق صخور الأرض، وغيرها من آثار الكائنات الحية.
-
حفريات الطوابع:
وهي نوعانِ: داخلية وخارجية، ويحدث الأول منهما عندما يتحلل الكائنُ الحيُّ كله في صخور رسوبية، ويحدث النوع الآخر عندما يمتلئ التجويف الداخليّ للهيكل بالرواسب أو المعادن، مثل الصدفيات والجماجم.
-
حفريات القوالب:
هي حفريات تنشأ عندما يمتلئ تجويف الحيوان بمادة معدنية؛ مما يؤدي إلى تشكل هيكل يشبه هيكلَ الحيوان.
وبما أننا الآن علَى عِلمٍ بأنواع الحفريات وتعريفها، فينبغي لنا أنْ ننظرَ إلى أهم موقع مصريّ يضم حفريات تعود إلى عصور زمنية بعيدة.
أشهر محميات الحفريات المصرية
يقع وادي الحيتان داخل محمية وادي الريان، وهي منطقة واسعة تغطي مساحةً واسعةً في محافظة الفيوم بمصرَ، على بُعد 150 كيلومترًا من القاهرة. وقد عُثِرَ في وادي الحيتان علَى 10 هياكل كاملة لحيتانٍ كانت تعيشُ في هذه المنطقة، حيث كانت تشكل جزءًا من محيط واسع يشمل شمالَ إفريقيا. وفي عام 2005، صُنف وادي الحيتان باعتباره موقعَ تراثٍ عالميّ لهياكل الحيتان العظمية.
علاوةً علَى ذلك، تشتهر منطقةُ وادي الحيتان بوجود حفريات ترجع إلى حيتان كانت تعيش في هذه المنطقة قبل 40 مليون عامٍ، عندما كان الوادي تحت المحيط الضخم المسمَّى (بحر تيثس)، بالإضافة إلى وجود عديدٍ مِن الحفريات البحرية التي يمكن رؤيتها في المتحف المفتوح، الذي يتيح للزوار فرصة مشاهدة الحيتان، والاطلاع عليها دون لمسها؛ رغبةً في حمايتها.
نعود لنقول: تُتيح لنا الحفرياتُ فهمًا عميقًا لتغيرات الأرض عبر الزمن، وتلقي الضوء علَى تحولات المناخ، وانقراض الأنواع، وظهور أشكال جديدة للحياة. كما إنها تذكيرٌ قويٌّ بأننا مجرد جزء صغير من تاريخ الكون، وهي تحضُّنا علَى احترام التنوع البيولوجي.
وفي ختام هذا الموضوع المثير للاهتمام، ترى حماة الأرض أنَّ الحفريات نافذةٌ مفتوحةٌ علَى الماضي، ومصدرٌ قَيِّمٌ لفهم تاريخ الحياة فوق كوكبنا، حيث تعكس مدَى التطور البيولوجيّ والجيولوجيّ وأشكاله المختلفة علَى مَرِّ العصور، كما أنها تروي قصةَ تطور الكائنات وتفاعلها مع بيئاتها. أضفْ إلى ذلك، فإنَّ دراسةَ الحفريات تُعزز فضولنَا العلميَّ وتُعمِّقُ فهمنا لمسيرة الحياة فوق الأرض، وتُؤكد أننا متصلون بتاريخ عريق ومتجذر في الطبيعة.
ومِن هنا، رأتْ مجلة حماة الأرض تعريف وتقريب مصطلح “الحفريات” ضمن سلسلة (ما…؟)، بأسلوب يُتيح للقرَّاءِ التعرُّف علَى المفاهيم الأساسية التي تساهم في الحفاظ علَى البيئة ومواردها؛ حتى يزيد الوعي بها، ونحقق أهداف التنمية المستدامة محليًّا وإقليميًّا، وهذا في إطار “رؤية مصر 2030“.