خطى مستدامة

ما المخلفات؟

المخلفات

ما المخلفات؟

منذ أنْ أوكلَ اللهُ الإنسانَ بالحُكم علَى الأرض، وجعلَ كل شيءٍ فيها تحت تصرفه، وهو يعيش بتوازنٍ مستدامٍ مع الطبيعة؛ يتأثر بها ويؤثر فيها، يأخذ منها ويعطيها. ومع مرور الزمن وتوالي العصور زاد عددُ سكان الأرض بوتيرةٍ متسارعةٍ، وكلما تزايدتْ أعدادهم تنامتْ أنشطتهم؛ فظهرتْ مشكلة المخلفات الناتجة عن تلك الأنشطة، وتفاقم تأثيرها في البيئة والإنسان.

ليس هذا فحسب، وإنما جاءتْ زيادة النشاطينِ الصناعيّ والتجاريّ بتأثيرات بيئية أشد، وحينئذٍ كانتِ الحاجَةُ ماسةً إلى التخلص مِن المُخلفات، وإيجاد حلول فعَّالة للحد من تأثيراتها التي أصبحتْ مصدرَ قلق واستنزاف لموارد الطبيعة، ومن هذه الحلول إنشاء مشروعات صناعية معتمِدة علَى إعادة تدوير واستخدام تلك المُخلفات.

إنَّ هذه المشروعات الصناعية المعتمِدة في موادها الخام علَى المخلفات القابلة لإعادة التدوير، نموذجٌ ناجحٌ ما دامتْ معتمِدةً علَى مصدر متجدد، تمامًا مثلما ننظر إلى الشمس والرياح باعتبارهما مصدرينِ متجددينِ من مصادر الطاقة؛ لذا لا ينكر أحدٌ أهميةَ التعمقِ في دراسة المُخلفات، والبحث عن أفضل السبل التي يمكن من خلالها استخدام هذا المصدر بأقصى استفادة، ويجب -بناءً علَى هذا- معرفة معنى المخلفات، وكيفية إدارتها بصورة مستدامة.

تعريف المخلفات وإدارتها

المُخلفات البيئية أو النفايات أو الفضلات هي أيُّ مواد زائدة غير مرغوب فيها، ويمكن أنْ تشملَ القمامةَ والمهمَلاتِ. وفي مجال البيولوجيا، يشير المصطلحُ إلى المواد الزائدة، أو السموم التي تنتجها الكائناتُ الحية. وأما بالنسبة إلى مصطلحِ إدارة المخلفات فهي تُعدُّ مجموعةً شاملةً من الأنظمة والإجراءات المنهجية المتعلقة بالتحكم في إنتاج النفايات، وتخزينها، وجمعها، ونقلها، ومعالجتها، والتخلص منها؛ وهذا يُعدُّ انعكاسًا وتفعيلًا لمبادئ الصحة العامة والاقتصاد، وحمايةً للطبيعة ومواردها، وحفاظًا علَى مصلحة المواطنينَ بشكل عامٍّ.

ووفقًا لهذا التعريف، تشمل إدارةُ النفايات جميعَ العمليات الإدارية والمالية والقانونية والتصميمية والهندسية، التي يتعاون من خلالها الأفرادُ مع الحكومات علَى مواجهة مشكلات النفايات. ويمكن أنْ تنطوي الحلولُ علَى تنسيق معقد بين مختلف التخصصات، مثل: العلوم السياسية، والتخطيط المحليّ والحضريّ، والجغرافيا، والاقتصاد، والطب، وعلم الاجتماع، والإحصاء، بالإضافة إلى الهندسة.

نعود فنقول، إنَّ مِن بين النفايات التي تُلوث بيئةَ الإنسان وتدمر صحته بصورة أشد مِن أي نوعٍ آخرَ، هي تلك النفايات التي تُنتجها المشروعات الصناعية، خاصةً إذا لمْ تُعالَج قبل التخلص منها خارج المصانع؛ فعندما تُرْمَى النفاياتُ إلى جوار المصنع دون اتباع الإجراءات المتعلقة بهذا الشأن، فإنَّ الرياحَ تنقلها، وقد تصل بعضُ الغازات السامة إلى مناطق بعيدة، فيتأثر -سلبًا- كلُّ ما في محيطها. وإلى جانب تلك المخلفات الصناعية هناك أنواع مخلفات أخرى، تتباين في الضرر والتأثير البيئيّ، ومنها:

  • النفايات البلدية

تُشير النفايات البلدية إلى جميع المُخلفات، التي تُنتج -بشكل عامٍّ- من أنشطة الأفراد اليومية في المدن والقرى وخارجها. ومِن هذه النفايات: النفايات المنزلية، والمخلفات المكتبية، ومخلفات الطعام.

  • المخلفات الطبية

هي المخلفات المُعدية والضارة التي تُخلفها المستشفيات والمراكز الصحية، ومختبرات التحاليل الطبية، ومراكز مماثلة أخرى، وتُستبعد المُخلفات الخطرة الأخرى من هذا التعريف.

  • المخلفات الخاصة (الخطرة)

هي جميع المخلفات التي تتطلب معالجةً خاصةً؛ بسبب وجود واحدة -علَى الأقل- من الخصائص الخطرة، مثل: السمية، أو العدوى، أو القابلية للانفجار، أو الاشتعال، أو التآكل، وما شابه هذا.

  • المخلفات الزراعية

هي المخلفات الناتجة عن أنشطة القطاع الزراعيّ، مثل: بقايا الحيوانات (الماشية والدواجن والأسماك)، والمحاصيل الزراعية الفاسدة أو غير الصالحة للاستخدام.

  • المخلفات الصناعية

تشمل المخلَّفات الصناعية المُخلفات التي تنشأ عن الأنشطة الصناعية والتعدينية، وما يتبقى في مصافي النفط والغاز، بالإضافة إلى مخلفات الصناعات البتروكيماوية، ومحطات الطاقة، ومِن أمثلتها: الأبخرة، والتسربات، والطين الصناعيّ.

وتلك المُخلفات بأنواعها كلها تتطلب قدرًا من الحذر مع استعمال أساليب علمية مبتكرة عند معالجتها ومكافحة تأثيراتها البيئية؛ فليس يمكن تجاوز مشكلاتها عن طريق الأساليب التقليدية الشائعة كالحرق أو الطمر، لأنَّ إدارةَ المخلفات -بشكل مستدام- أمرٌ ضروريٌّ للحفاظ علَى بيئتنا ومواردها، حيث تُعتبر جهود الإنسان في هذا المجال أمرًا حاسمًا لضمان مستقبل أفضل لنا وللأجيال القادمة.

وبطبيعة الحال، تتطلب تلك الأساليب المبتكرة تعزيز مفاهيم بيئية مهمة كإعادة التدوير وإعادة الاستخدام، فَهُمَا في حاجَةٍ إلى نشر معناهما بين أفراد المجتمع مِن خلال التشجيع علَى تطبيق الأساليب العلمية -تطبيقًا واقعيًّا- في التخلص من النفايات وإعادة تدويرها.

ولذلك كله، سَعَتْ حماة الأرض إلى توضيح مصطلح المُخلفات ومدى ضررها البيئيّ، وهذا بأسلوب قريبٍ مِن أذهان القرَّاء، حيث تناولتِ المجلةُ في هذا المقال -شرحًا وتوضيحًا- أنواعَ المُخلفات ومصادرها؛ إسهامًا منها في نشر الوعي وتعزيز السلوك البيئيّ الإيجابيّ.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى