أخبار الاستدامة

مصر تحصل على 1.3 مليار دولار لدعم التحول الأخضر

مصر تحصل على 1.3 مليار دولار لدعم التحول الأخضر

في خطوة تعزز التزام مصر بالتحول نحو اقتصاد أخضر ومستدام، وافق صندوق النقد الدولي على تقديم قرض بقيمة 1.3 مليار دولار لدعم “استراتيجية مصر للمناخِ 2050“، وهو تمويل يأتي في إطار برنامج القدرة على الصمود والاستدامة (RSF) التابع للصندوق، بهدف تمويل إصلاحات هيكلية تسرّع الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون وتعزز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخِية.

يمثل هذا التمويل جزءا من حزمة تمويل أوسع بقيمة 2.5 مليار دولار؛ مما يعزز قدرة مصر على تنفيذ إصلاحات واسعة النطاق تعيد تشكيل مسارها الاقتصادي والبيئي، وتشمل هذه الإصلاحات إجراءات حاسمة لخفض انبعاثات الكربون، عبر زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتعزيز الابتكار في تقنيات كفاءة الطاقة للحد من استهلاك الوقود الأحفوري.

كما يشمل البرنامج سياسات جديدة تهدف إلى إدارة المخاطر المناخِية بشكل أكثر كفاءة، من خلال تطوير أنظمة إنذار مبكر للكوارث البيئية، وتحسين قدرة البنية التحتية على مواجهة التأثيرات المناخِية القاسية، مثل ارتفاع درجات الحرارة، والتغيرات في أنماط الأمطار، وتدهور التربة.

ولا تقتصر التحولات البيئية فقط على قطاعي الصناعة والطاقة، وإنما تمتد أيضًا إلى القطاع المالي، الذي سيكون له دور محوري في دعم المشروعات الخضراء، حيث سيتضمن البرنامج المالي تدابير لضمان قدرة البنوك والمؤسسات المالية على تمويل مشروعات مستدامة، من خلال إدخال سياسات تسعير الكربون، وإصدار سندات خضراء تجذب الاستثمارات الدولية، بالإضافة إلى تطوير إطار قانوني يحفّز الشركات على تبني استراتيجيات صديقة للبيئة، ويهدف هذا النهج إلى خلق بيئة استثمارية جاذبة، تشجع القطاع الخاص على المشاركة الفعالة في التحول الأخضر.

ومع اقتراب انعقاد مؤتمر المناخِ “COP30” يأتي هذا القرض ليعزز مكانة مِصر على الساحة الدولية، باعتبارها طرفًا مؤثرًا في قضايا المناخِ والاستدامة، بالإضافة إلى تسليط الضوء على الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة للوفاء بالتزاماتها المناخِية، وفقًا لاتفاقية باريس، من خلال تنفيذ برامج إصلاحية تسهم في تحقيق توازن بين التنمية الاقتِصادية وحماية البيئة، كما يعكس التمويل الجديد التزام الحكومة المِصرية بتوسيع نطاق تعاونها مع المؤسسات الدولية، وتعزيز شراكاتها مع الدول المانحة لدعم المشروعات البيئية.

رؤية اقتصادية تتخطى التحديات

رغم التحديات الاقتِصادية التي يواجهها العالم، وخاصة في ظل التوترات الإقليمية واضطرابات سلاسل الإمداد، يثبت الاقتِصاد المِصري قدرته على المضي قدمًا في تنفيذ استراتيجيات إصلاحية شاملة؛ إذ يعكس الدعم المالي من صندوق النقد الدولي الثقة الدولية في قدرة مِصر على تحقيق الاستقرار المالي، مع الاستمرار في تنفيذ خطط تنموية تواكب المتطلبات البيئية العالمية. ويعزز هذا التمويل قدرة الدولة على التكيف مع التغيرات المناخِية، من خلال تحسين البنية التحتية، ودعم المشروعات البحثية التي تهدف إلى تطوير حلول مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية.

وتمثل الإصلاحات المدعومة من هذا القرض خطوة محورية في مسيرة التحول الأخضر لمِصر؛ إذ إنها تفتح المجال لتبني سياسات أكثر شمولية تضمن تحقيق انتقال عادل نحو اقتصاد منخفض الكربون. ويعني ذلك أن الإصلاحات لن تقتصر على دعم التكنولوجيا النظيفة، وإنما ستمتد إلى توفير برامج تدريب وتأهيل للعاملين في القطاعات التقليدية؛ لضمان استيعابهم في سوق العمل الجديد الذي تفرضه التحولات البيئية؛ فالتنمية المستدامة ليست مجرد التزام بيئي، وإنما هي رؤية اقتصادية تهدف إلى توفير فرص عمل جديدة، وتعزيز تنافسية الاقتِصاد المِصري في الأسواق العالمية.

وترى حماة الأرض أنَّ “استراتيجية مِصر للمناخِ 2050” نقطة تحول حقيقية في سياسات التنمية المِصرية، حيث تضع الاستدامة في صميم النمو الاقتِصادي، وتؤكد التزام الدولة بمسار تنموي مسئول يوازن بين التقدم الاقتِصادي والحفاظ على البيئة، غير أنَّ نجاح هذه الاستراتيجية يكمن في الالتزام الفعلي بالإصلاحات البيئية؛ وهذا ما سيعزز مكانة مِصر عالميًّا باعتبارها نموذجًا للتنمية المسئولة، ويحفظ حقوق الأجيال القادمة في بيئة أكثر استدامة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى