خطى مستدامة

اليوم العالمي لمهارات الشباب 2025: كيف يصنع الذكاء الاصطناعي وظائف الجيل القادم؟

الذكاء الاصطناعي

اليوم العالمي لمهارات الشباب 2025: كيف يصنع الذكاء الاصطناعي وظائف الجيل القادم؟

في ظل السباق العالمي لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030، يُعدّ تمكين الشباب ركيزةً أساسيةً لبناء مجتمعات أكثر عدلًا واستقرارًا. ويبرز الذكاء الاصطناعي اليومَ بوصفه أداةً محوريةً في تطوير المهارات التي يحتاج إليها الشباب حتى يمكنهم التكيف مع متطلبات عصر التحول الرقمي. ومن خلال توظيف هذه التكنولوجيا في خدمة تنمية القدرات البشرية، يمكن تسريع التقدم في مجالات التعليم الجيد، والعمل اللائق، والابتكار الصناعي.

وانطلاقًا من هذه الرؤية يحتفي العالم في 15 يوليو من كل عام باليوم العالمي لمهارات الشباب، وهو يوم أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2014؛ تأكيدًا لأهمية تأهيل الشباب لسوق العمل وريادة الأعمال. ويحمل احتفال عام 2025 دلالة خاصة؛ إذ يأتي تحت شعار “تمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي والمهارات الرقمية”، وهو احتفال يأتي في لحظة فارقة تشهد تحولات رقمية متسارعة تُعيد صياغة وظائف المستقبل.

ومن هذا المنطلق، تسعى منصة حماة الأرض إلى تناول موضوع هذا العام لليوم العالمي لمهارات الشباب من منظور متوازن، يبحث في سبل تقدم الشباب وتعزيز مهاراتهم في مجالات الذكاء الاصطناعي، ويبرز كيف يمكن لهذه الأدوات أنْ تسهم في تشكيل مستقبلهم بشكل إيجابيٍّ وعادلٍ.

ما أهمية الذكاء الاصطناعي؟

مع تَقدُّم الثورة الصناعية الرابعة أصبحت التقنيات الذكية جزءًا لا يتجزأ من سوق العمل العالمي، وتُشير تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي -الذي عُقِد أوائل العام الجاري- إلى أنَّ المهارات المرتبطة بالذكاء الاصطناعي تتغير بوتيرة أسرع بنسبة 25% مقارنة بالوظائف التقليدية؛ مما يفرض على المؤسسات التعليمية والحكومات سرعة الاستجابة لهذه التحولات من خلال إعادة تصميم مناهج التدريب والتأهيل المهني.

وتؤكد المؤشرات الأممية أنَّ الشباب باتوا أكثر تقبُّلًا لهذه التقنيات وأكثر بحثًا عن وظائف الذكاء الاصطناعي؛ فقد أظهر تقرير للأمم المتحدة أن 93.2% من المراهقين في 36 دولة لديهم انطباعات إيجابية تجاه الذكاء الاصطناعي، كما أنَّ 44% من الأطفال يشاركون فعليًّا في استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، ويُوظفها أكثر من نصفهم في أداء واجباتهم المدرسية؛ مما يعكس اندماجًا طبيعيًّا مع بيئة رقمية متغيرة.

وظائف الذكاء الاصطناعي

وظائف المستقبل أصبحت رقمية

بناءً على هذه المؤشرات، تتسارع المبادرات الدولية لسد الفجوة في المهارات الرقمية، وتمكين الشباب من الاستفادة الكاملة من أدوات الذكاء الاصطناعي. وقد أطلقت الأمم المتحدة -بالشراكة مع عدد من المؤسسات الدولية- برنامج “المهارات الرقمية من أجل وظائف لائقة للشباب”، الذي يستهدف تدريب خمسة ملايين شاب بحلول عام 2030، مع التركيز على المهارات الأساسية والمتقدمة.

وتُعزز منظمات مثل اليونيسف وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي هذه الجهود من خلال تمكين الفئات الشبابية الأكثر هشاشةً، خاصةً في المناطق ذات الموارد المنخفضة، مع الاهتمام الخاص بالفتيات والنساء. وتغطي هذه المبادرات مجالات ريادة الأعمال الرقمية، وتطوير الأدوات الذكية، وتعزيز البيئة التمكينية اللازمة لتحقيق مشاركة عادلة في الاقتصاد الرقمي.

تمكين الشباب بالتنمية المستدامة

وتتضح أهمية الذكاء الاصطناعي في كونه أداةً استراتيجيةً لتقليص الفجوات التنموية، إذا ما استُخدم استخدامًا عادلًا وشاملًا؛ لأنه يسهم في تقليص نسب التسرب من التعليم والتدريب، وكذلك يسهم في مواءمة البرامج التدريبية مع احتياجات سوق العمل المتجددة، بل يفتح آفاقًا جديدة أمام مهنٍ لم تكن موجودة قبل سنوات معدودة.

سوق العمل

وفي هذا السياق، يأتي اليوم العالمي لمهارات الشباب ليشكِّل نداءً جماعيًّا إلى جميع الأطراف الفاعلة –من حكومات وقطاع خاص ومؤسسات تعليمية ومجتمع مدني– للعمل المشترك على تسخير الذكاء الاصطناعي في بناء منظومة مهارات عصرية، لا تُقصي أحدًا، ولا تُفرِّق بين فئة وأخرى، وتؤمن بأنَّ كل شاب قادر على الإبداع إذا ما أُتيحت له الأدوات المناسبة.

وعلى ما سبق ترى مؤسسة حماة الأرض أننا أصبحنا في عالم ابتكاراته سريعة، وفيه تضيق الفجوة بين ما هو ممكن وما هو واقع؛ إذْ يبرز تمكين الشباب بالذكاء الاصطناعي باعتباره حقًّا تنمويًّا أصيلًا، فالمجتمعات التي تدرك هذه الحقيقة وتستثمر فيها تبني -بلا شك- مستقبلًا أكثر استدامة وعدالة.

وإنه على الرغم من تعقيدات الذكاء الاصطناعي فإنه جسر ينقل الأجيال الجديدة إلى فضاءات أوسع من الحرية والإبداع، بشرط أنْ يُدار برؤية إنسانية تراعي الأخلاقيات، وتضمن العدالة الرقمية، وتوجه التقنية لخدمة الإنسان، لا العكس؛ ولذا فإنَّ اليوم العالمي لمهارات الشباب يجب أنْ يكون فرصة عملية لتجديد التزامنا تجاه الشباب باعتبارهم حَمَلة لواء التنمية المستدامة في زمن الذكاء الاصطناعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى